26th Jun 2014

من ملفات مجاكم الهجرة

قضيتان متشابهتان إبتدئتا بنفس الزمان ونفس المكان وإنتهيتان بنفس النتيجة….فالبداية كان عام 2007، والمكان هو محكمة الهجرة في لوس أنجلوس، والنتيجة واحدة صدرت هذا الشهر… الإختلاف هو الجنس والعمر أما القضية فكانت اللجوء، والحكم واحد وهو منح حق اللجوء لكل منهما….
الأول لبناني مسلم سني، والثاني كردي تركي، جمعهما أنهما تعرضا للاضطهاد بسبب عرقهما وبسبب رأيهما وموقفهما السياسي، لقد إستمر النضال من أجل قضيتهما في المحكمة لأكثر من أربع سنوات، إلا أنه تم أخيراً ومؤخراً منحهما حق اللجوء النهائي مع تخلي الحكومة عن حق إستئناف الحكمين..ز
الأول يبلغ من العمر ما يقارب الثمانين عاماً والثاني ما يقارب الستين عاماً تعرضوا لشتى أنواع الاضطهاد وسوء المعاملة في بلدهما، وبالرغم من الفروقات بينهما، إلا أن الحكم العادل لهم كان كفيلاً بلملمة جراحهما التي استمرت تنزف سنيناً…
كان سر النجاح بالقضية الأولى هي مدى مصداقية الشاهد، إلى جانب تحول جلسة المرافعة إلى مضمار سياسي ونقاشات حول التاريخ السياسي لدولة لبنان ومدى تأثير النفوذ السوري عبر السنين لهذه الدولة، مما أدى إلى إنصات القاضية ومحامية الحكومة بصدر رحب وتفهم هذه الحالة السياسية المتجاذبة من أطراف عدة حيث جعلت الدولة المركزية تفقد سيطرتها على زمام الأمر وبالتالي عدم قدرتها على حماية مواطنيها من التعرض لسوء المعاملة أو الاضطهاد، وكان للأوضاع الأمنية والسياسية الأخيرة في لبنان العامل الأكثر تفاعلاً بالتأثير على رأي المحكمة ومنح حق اللجوء لهذا الشخص..
كذلك من حيث أن قرار المحكمة فإنها إستندت إلى سلطتها التقديرية لمنح حق اللجوء لإعتبارات إنسانية وذلك بعد أن طلبنا من المحكمة الموقرة إعطاء حق اللجوء لاعتبارت إنسانية.
أما بالنسبة للقضية الثانية، فقد إعتراها الكثير من التعقيدات والإجراءات الأمنية لكون بعض الأحزاب الكردية لديها بعض التعاون مع حزب العمال الكردستان الذي ينسب وحسب وزارة الخارجية الأمريكية لمنظمة إرهابية، فقد تم رفع الجلسة من قبل الحكومة لإنتداب محامي آخر متخصص بالأمن الوطني للتأكد من خلو القضية وأطرافها من التعاون مع هذه المنظمات، حيث كان هذا الحضور مفاجئاً، خاصاً أن الحكومة أرادت أن تتقدم بمستندات لضمها لملف القضية بالإضافة لأستنطاق الشاهد مرة أخرى…هنا رفضت طلب الحكومة بضم هذه المستندات إلى ملف القضية إلا بعد الإطلاع على الأوراق، بالرغم من عدم وجود فسحة كافة من الوقت للتمعن بها، وأيضاً رفض طلب شهادة الشاهد إلا بعد أن أقوم بقرائتها خلال الجلسة… وإذ أن أعترف هنا بأن المحامين العرب هم أكثر خبرة من نظائرهم الأمريكين الذين تقل معرفتهم بشؤون الشرق الأوسط، ومن هنا قمت بتحويل جميع المستندات المقدمة من قبل الحكومة لمصلحة الشاهد مع موافقة المحكمة على رأيي. وكذلك يجب أن أفيد هنا بأنني إستخدام خبيراً بشئون الشرق الأوسط كان له الأثر القوي لنجاح القضية وذلك عن طريق إثبات أقوال الشاهد التي دعمت موقفه في القضية …
بالرغم من طول فترة النظر بهاتين القضيتين أمام المحكمة والتي إستمرت كما أسلفت سابقاُ إلى أكثر من أربع سنوات، إلا انني أدين بالشكر لأصحاب القضيتين اللذان تعاونا معي صبراً وتفهما جيداً الإجراءات القانونية المعقدة والطويلة، كذلك فإنني أدين بالشكر كثيراً للخبير الذي زود المحكمة بكل ما لديه من خبرة حيث أصدرت المحكمة حكمها مستندةً إلى أقوال الخبير الذي ضمته إلى نص القرار وفيه قالت بأن المحكمة قد إرتكزت بصفة خاصة على رأي الخبير الذي لم يدع مجالاً للشك بأن ما يتعرض له الشاهد هو جزء من السياسة المتبعة ضد الأقليات بتركيا ومن ضمنها الأكراد … وأخيراً تهانينا لهما من كل قلبي…

Leave a Reply

*